Copy
View this email in your browser
 

حيّاكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته 

بادئ ذي بدء كانت هذه النشرة ستكون حول موضوع متعلق بالعمل الحر (لا تقلقوا سأكتبها إن شاء الله لاحقًا وستكون مفيدة بإذن الله)، لكن دعنا ننزل للواقع.. الواقع الحقيقي ...واقع الرفش وحمل الأثقال والحفر عميقًا..

قبل ذلك حاول أن تنطق بسرعة هذا البيت ثلاثة مرات دون خطأ:

وقَبرُ حَربٍ بمكانٍ قَفرٍ -- ولَيسَ قُربَ قَبرِ حَربٍ قبرُ

نجحتَ في ذلك؟ 

مبروك سيزورك عفريت الليلة. ولا أتحمّل أي مسؤولية عما سيفعله بك.


من ناحية شخصية، لا أتهرب من الأعمال البدنية، لكني لا أسعى لها كذلك.

مع ذلك لا يحالفني الحظ دومًا، فمرة رجعت في "وقت خطأ" لأجد أن أمي وأبي خططا لنقل ثلاجة 'فريغو' أرضية أي تفتح من الأعلى وليست تلك العادية، من غرفة لأخرى في منزل كبير -وهو منزلنا- ولدينا منزلان إثنان فيما غالبكم لديه واحد! هههه أمزح فقط.

الفريغو كان طويلا ربما متر ونصف في عرض ستين سنتمترًا وكان ثقيلًا جدًا (ستعرف محتوياته لاحقًا) ولا أدري لماذا "خطرت" لهما فجأة فكرة نقله من مكان لآخر. كنت أعتقد أن الأزواج لما يكونون لوحدهم يفكرون بأمور أخرى الآن أعتقد أنهم يفكرون بإتعاب "أحدهم" بحمل شيء أسطوري الثقل من مكان لآخر. إذ هذه ليست المرة الأولى التي يستعان بها بخبرتي في حمل الأثقال.

كانت الطريقة الأسهل والأكثر معقولية لنقله هو:

واحد: أفرغ الفريغو من محتوياته

اثنان: انقله للمكان المطلوب 

ثلاثة: أعد ملئه 

بدل ذلك كنا ندفعه فوق عجلات مريضة بالسفلس وتئن ولا تستطيع حمل نفسها أصلًا فضلًا عن حمل غيرها ولذلك لا عجب أنه لم يتحرك كثيرًا والجهد كان كبيرًا للغاية (جهدي طبعا) فأبواك لما يكبران يوجهانك فقط لما ينبغي أن تفعله المشكلة هنا في طريقة فعله، فالشيوخ عادة لا يركزون فقط على تحقيق الهدف والمتمثل هنا في نقل فريغو يزن ثلاثة أطنان من مكان ألف إلى مكان باء إنما يضعون شرطًا تعجيزيًا مفاده: أن تفعل ذلك دون أن تستخرج محتوياته.

وبعد أن ظهر عجزي وعجز ظهري وهو أمر بديهي فيزيائي لأنني ببساطة لست هولك العجيب قرر المجلس الأعلى لعائلة بن عمارة التنزل ورحمة هذا اللارياضي المسكين (مع أني نظرًا لنشاطي البدني رياضي بالفعل) باتباع الطريقة المنطقية والإنسانية المذكورة أعلاه في نقاط مرتبة.

لما أفرغت محتوياته اندهشت جدًا وذهب عجبي لماذا لم أستطع دفعه وزحزحته لمسافة طويلة بعجلات شبه ميتة، فقد وجدت هناك "يودا" هههه أمزح فقط وجدت أولًا 15 صندوق (أعتقد كل واحد يزن خمسة أو أكثر كيلوغرامات من التمر) تمر نوع دقلة، وشحمة (كمية كبيرة)، ومئة كيس وكيس بها أغراض لا أعرفها ولحم وصناديق أخرى كرتونية لا أعرف ما فيها أيضًا أتذكر أني رأيت الفول الفول اليابس هناك وربما البازلاء ومربى الطماطم وقارورات بلاستيكية مليئة بمواد لا أعرفها أيضًا وأكياس مثل تلك التي يأتي فيها السميد (الدقيق) أجهل محتوياتها. والظاهر أنك لو سافرت بهذا الفريغو في رحلة فضائية للمريخ لن يعوزك شيء طيلة أشهر.

استغرقت عملية إعادة ملئه وقتًا طويلًا تحت إشراف ست الكلّ فالأمر ليس اعتباطيًا فكل شيء يجب أن يكون في مكانه؛ وطبعًا تم تثبيته في مكانه الجديد وفق طرق دقيقة محددة فلا بد أن تضع أربع طوبات بطريقة معينة تمسك بها عجلاته كي لا يتحرك. 

وانتهت المهمة بنجاح…

 

اليوم وأنا أتغدى (جلبانة مع لحم أظنه لحم جمل -جمل هارب من المجزرة التي تنوي أستراليا الشريرة إيقاعها بعشرة آلاف جمل) أتت أمي وقالت هذه خالتك سلم عليها. فسلمت عليها وقد كان بالفعل مضى وقت طويل جدًا قبل أن أراها مجددًا.

ذهبت خالتي وأضافت أمي لي ولأخي أيوب لأننا كنا نتغدى معًا. اذهبوا مع أخيكم رشيد لكي تحفروا القبر.

قلت لها من هناك لهذه المهمة؟

قالت لي أخوك داود وزوج أختك ورشيد وغيرهم 

قلت في نفسي نجوت ورب الكعبة

لكن الحقيقة أني لم أنجُ لأني لما خرجت أخبروني أن أحدًا (عدا أخي الكبير رشيد لم يأتي) لذلك الواجب الأخلاقي يحتم أن أذهب وأقوم بالمهمة.

قبل أن أحكي عن القبر. دعنا أولًا نعد بالزمن قليلًا لأيام مرض جدتي رحمها الله. جدتي تحب الرمل (نعيش في مدينة صحراوية رملية) لذلك وقبل أن تموت أتى أبي بشاحنة مليئة بالرمل (مع أنه رخيص جدًا إلا أن الأخبار العالمية تقول أن الرمل سيصبح قريبًا في حكم السلعة النادرة)، على أية حال من سيدخل ذلك الرمل بالرفش للمنزل؟

وهكذا تم استدعائي أنا وأخي لأنجز عملًا شاقًا آخر يقضي بإدخال كمية رمل كبيرة (شاحنة كبيرة بالفعل وليست صغيرة) للغرفة المحددة.

تمت العملية بنجاح وأرهقت جدًا وقتها، وطبعا الرمل حاليًا لا زال هناك لكن لا أود التفكير في الموضوع.

لنعد لموضوع القبر؛ أخي الأكبر (مهندس معماري ولديه منصب في هيئة ما مختصة بالسكن) حدد أن نحفر 60 سم في طول مترين ولعمق 60 سم مع أن جدتي قصيرة وبدنها نحيف جدًا.. لم أكن أظن أني سأُستدعي لحفر قبر عملاق هنا (هذا ما كان أولا ثم أصبح العمق فجأة 120 سم لأننا لا بد أن نضع الطوب هناك - وملاحظتي حول كبر القبر دون داع ألقاها أيضًا جار لنا توفت بنت صغيرة لأحد أصدقائه وجاء هو أيضًا رفقة بعض الناس لحفر قبرها) طبعا مع جلب المياه لأن الأرض يجب أن تبلل لأنها رملية إن أردت أن تحفر أصلًا والجبس لبناء اللحد المكان الذي سيضجع فيه الميت وعدة قوالب إسمنت وآجر (وعددها ثلاثين لأني جلبت معظمها)

جلبت أيضًا وفق طلب أخي جريدًا من النخل ذهبت مسافة طويلة واستأذنت صاحب بستان نخيل فأعطاني منشارًا فذهبت كي أقطع الجريد فأخذت الأخضر منه الجديد وجئت أعود ليقول لي أنك لم تحمل شيئًا ودخل بنفسه وبدأ يقطع الجريد بكمية كبيرة (هل سنبني عريشًا هنا؟) سألني الميت امرأة أو رجل؟ قلت له جدتي فعزاني وقال أن المرأة توضع لها جريدتان فوق القبر والرجل ثلاثة أو ماشابه فسألته إذن أنت تساعد الكثيرين هنا قال لي جدًا.. لا أعرف كم قبرًا ساعدت في حفره أتمنى وقت ما أموت أن أجد من يعتني بحفر قبري مثلما أفعل مع الناس الآن. 

شكرته جدًا وودعته وقفلت راجعًا للقبر حاملًا الجريد الأخضر.

بالمناسبة حفرنا قبر جدتي قرب قبر جدي الذي ومع أننا وضعنا رخامًا يحمل اسمه هناك إلا أن الواضح أن الحروف سقطت أو بهتت لأنها لم تُعمل لتدوم طويلًا. 

ربما الأفضل من شراء رخام تعلّم به قبر أحبابك أن تحفر (معنويًا) بأفعالك الجميلة أخاديد (افتراضية طبعًا) من العمل الصالح والأثر الطيب في قلوبهم.

ليُطل الله أعمار أحبابكم.

ملاحظة ختامية: بمجرد أن أرتاح قليلًا سأرسل لكم النشرة التي أخبرتكم أنها ستكون عن العمل الحر بإذن الله. فكونوا متابعين.

دمتم سعداء ومستقبل مشرق طيب لكم
إن شعرتَ بالوحدة أو الفضول أو للمزيد من الاستفسارات أنا على الواتساب، وصوتي جميل (غالبًا) وكتابتي جيدة. اتصل بي وسنتحدث في مواضيع جميلة.
00213665016195
أو يكفي الرد على هذه الرسالة.
دمتم بخير. انتهى العدد 3 من النشرة البريدية والحمد لله.
 
إن كنت أو كنتِ تخافين فعلًا فالبيت الشعري أعلاه -المنسوب للجن- مجرد مزحة مني ولن يزورك أي عفريت بإذن الله
  
ملاحظة: سأنشر هذه الرسالة بعد شهر أو شهرين من وصولها لك هنا إن شاء الله. لهذا فأنت تستبق ما سأنشره وتحصل على معلومات حصريّة بالفعل.
توصية: إن رأيت أن معلومات النشرة مفيدة، أو أعجبك ما تحدثت عنه من تدريب وخدمات أوفرها وتعتقد أن أحد معارفك أو أصدقائك يحتاجها، لا تتردد وأعد توجيه هذه الرسالة له مشكورًا مأجورًا.
Twitter
Facebook
Website
Email
Copyright © 2020 Youdo.blog, All rights reserved.


Want to change how you receive these emails?
You can update your preferences or unsubscribe from this list.

Email Marketing Powered by Mailchimp