Copy

النشرة السريّة... لا تخبروا أحدًا عنها 🧐🤫
إلاّ مَن كَانَ مِنَ المُقرّبين 😉

شبح الخواجة

يقول عبدالفتاح كاليطو في لن تتكلم لغتي: "[إنّ الترجمة] قد اكتسحت أفقًا بحيث إنها تعمل حتى عندما نقرأ القدماء. نقرأ حي بن يقظان فيشرد ذهننا جهة روبنسون كروزو؛ نقرأ المتنبي فيتجه تفكيرنا إلى نيتشه وإرادة القوة؛ نقرأ رسالة الغفران فإذا بالكوميديا الإلهية تنبعث أمامنا شئنا أم أبينا؛ نقرأ اللزوميات على ضوء شوبنهابر أو شيوران؛ نقرأ دلائل الإعجاز لعبدالقاهر الجرجاني فنلتقي فجأة بسوسير؛ نقرأ المنقذ من الضلال فيطلّ ديكارت علينا ليخلّصنا من حيرتنا. وويل للمؤلفين الذين لا نجد من يقابلهم عند الأوربيين: إننا بكل بساطة لا نلتفت إليهم، فيقبعون في برزخ مظلم مهجور، برزخ بلا مرايا تعكس ظلهم وتنقذهم من الضياع ومن وحدة تشبه الموت. بالاختصار، نقرأ القدماء استنادًا إلى الأدب الأوربي. وكلّما اقترب كتاب عربي من هذا الأدب، تضاعفت حدود تثمينه والإعجاب به، وازدادت فرص ترجمته."
 
اللع*ة. ز٪.

يصعب عليك أن تقول كلمة تصنّف أنّها سيئة أو بها من قلّة الأدب ما بها في لغتك الأم. لكنّك تستلطف الأمر وأنت تتحدث بالإنگليزية أو أي لغة ثانية ليست بلغت لسانك. وهذا ليس حكرًا على العرب، وإنّما يحدث في كل المجتمعات. فلماذا يسهل علينا التلفظ بالكلمات المسيئة في اللغات الثانية؟
يجيب الأستاذ حمد الشمّري في لقاء على ثمانية، وهو المترجم لكتاب "عبقرية اللغة" الذي صدر مؤخرًا.
نستورد كل شيء. حتى مشاكلنا نأخذها من نتفليكس!

في حلقة مع ماجد الدوحان على فنجان، كان ممتعضًا من استيرادنا للمشاكل في مجتمعاتنا من خلال ما نجده في الأفلام والمسلسلات أو ما يحصل في المجتمعات في الغربية.
وما هذا الامتعاض إلا جزءٌ يشرح ما يصفه الكثير من قارئي المشهد العام وتأثير العولمة الثقافية، أو الهيمنة الغربية.. أو الغزو الثقافي.

وهنا نتذكر الكاتب الكيني جيمس نگوگي الذي قاوم لغة الأجنبي بعد أن أصبحت الإنگليزية لغة تعليمي الرسمي. في كينيا، لم تكن الإنگليزية مجرد لغة، بل أصبحت هي اللغة، وكل اللغات الأخرى كان عليها أن تركع أمامها. يتذكر جيمس أيام الثانوية فيقول: "لا أحد يستطيع أن ينجح في الاختبار إذا ما فشل في اللغة الإنگليزية، مهما كانت درجاتهم عبقريةً في كل الأبواب الأخرى. أتذكر أحد الطلاب الذين كانوا في صفي عام 1954م، كان متميزًا في كل المواد ما عدا الإنگليزية التي سقط فيها، وهكذا سقط في الاختبار كله. تحوّل بعدها إلى قائد حافلة."

ففي علم اللغويات، تقول نظرية النسبية اللغوية أن طبيعة اللغة وتراكيبها تساهم في خلق الطريقة التي ينظر بها صاحبها إلى العالم. الدراسات التي تستخدم هذه النظرية للربط بين الثقافة العربية ولغتها نادرة ومختصرة مع الأسف. لكن من باب الاجتهاد، لنأخذ مثال تقليب العينين في الأعلى، لماذا لا يوجد هذا التعبير أو ما يشابهه في اللغة العربية؟

الثقافة العربية بطبعها ثقافة مباشرة، وهذا لا يعني أن العرب يقولون ما في بالهم دائمًا دون تفكير، أو أنهملا يستعملون الكناية أو المجاز. إلا أن “تقليب العينين” حركة مهينة و جبانة لحد ما، يُظهِرُ فيها الشخص عدم موافقته واستهانته بفكرة ما، دون الإعلان عن هذا الرفض بوضوح.

ينطبق هذا أيضًا على تعبيري “حياة أخرى” و”بدء حياة جديدة”. النظر إلى فترة ماضية من حياتك وتطليق نفسك منها بهذه الطريقة ينافي العادة العربية في التمسك بالماضي. لا تكاد قصيدة عربية قديمة تبدأ بشيء غير البكاء على الأطلال. لا يستطيع العرب النظر إلى أنفسهم دون النظر إلى ماضيهم، فكيف لهم أن ينفصلوا عنه بهذه السهولة؟

لكن، لو قرر أحدنا السفر بالزمن 1400 سنة إلى الوراء، لوجد أنه أقرب لعجم اليوم أكثر من قربه لعرب الأمس، لكن هل نحتاج فعلًا إلى العودة كل هذا الوقت لنشعر بالانفصال؟
Facebook
Twitter
ثمانية
Instagram
هذه الرسالة تصلك لأنك مشترك في قائمة ثمانية الأسبوعية.
الحقوق محفوظة © لشركة ثمانية للنشر والتوزيع.