خسائر في مُقدّرات الدولة
تتكوّن أملاك الدولة الخصوصية، والتي يصل عددها إلى 57201 عقار، من أملاك الجمهورية والخزينة (54%)، ومشاعات (8%)، وأملاك لوزارات مختلفة (6.5% غالبيتها لوزارات الطاقة، الأشغال، الدفاع، والتربية) ومجلس الإنماء والإعمار (2.5%)، ومصرف لبنان (2%)، وأملاك بلديات على امتداد المناطق اللبنانية، وإدارات أخرى (مثل تلك السكنية أو مصلحة الليطاني وغيرها). تشكّل هذه العقارات مقدّرات الدولة وحقاً للأجيال المقبلة، وأن تُباع أو تُخصّص إدارتها لجهات خاصة يُعطي الأولوية للأرباح المالية والسياسية الفردية على حساب العدالة والمصلحة العامة؛ ممّا يعني أن نتنازل عن نظام تلعب فيه الإدارة العامة للموارد، المفوّضة ديمقراطيّاً، دوراً مركزيّاً. فإذا كنّا نعمل باتجاه بناء دولة العدالة الاجتماعية، كيف ستتحقّق هذه العدالة من دون مقدَّرات؟
خسائر في القطاع الزراعي
تشكّل "الأراضي الأميرية" حيث المُلك للدولة والتصرّف للناس، النسبة الأكبر من أملاك الدولة العقارية، إذ يبلغ عددها على صعيد لبنان 31907 عقاراً، أي أنّ 52% من إجمالي أملاك الدولة الخصوصية هو من النوع الأميري. تشكّل الأراضي الأميرية مجالاً زراعياً بامتياز وتقع 78% منها في منطقة البقاع حيث يعتمد ٧٠ إلى ٧٥% من القاطنين على الزراعة في تكوين مدخولهم، إضافة إلى مساهمتها بنسبة كبيرة من الإنتاج الزراعي الإجمالي في لبنان. كما تملك المصلحة الوطنية لنهر الليطاني 5026 عقاراً ووزارة الزراعة 88 عقاراً من الأراضي الصالحة للزراعة.
إنّ انضواء هذا المجال الزراعي تحت أملاك الدولة ساهم في حمايته من مضاربات السوق وعدم تراكمه بيد الأقليّة المقتدرة، ليستمرّ بالمحافظة على وظيفته الإنتاجية على الصعيد الوطني والمحلي في ظلّ الاقتصاد الريعي المهيمن.
خسائر في السكن
تملك الدولة اللبنانية ٦٥٠ عقاراً مخصّصاً للسكن، مسجّلاً في السجلات العقارية تحت أسماء وزارات أو مصالح أو مديريات تُعنى بالسكن وباتت ملغية اليوم، مثل مصلحة التعمير أو وزارة الإسكان والتعاونيات أو المساكن الشعبية أو مصلحة الإسكان.
وكانت الدولة اللبنانية قد لجأت بين عامي 1956 و1974 إلى استملاك هذه العقارات بهدف إقامة المساكن الاجتماعية\الشعبية لمعالجة الأزمة السكنية المتفاقمة.
لا بد من المحافظة على هذه الأراضي التي تستطيع أن تكون جزءاً من استراتيجية وطنية لحلّ الأزمة السكنية الحالية وتأمين السكن الميسّر. فهي تشكّل نقطة انطلاق "ملموسة" باتّجاه مشاريع عامة لإسكان ذوي الدخل المحدود، في مقاربة تأخذ السياق المحلّي بعين الاعتبار، وكذلك التوزّع الجغرافي لهذه الأراضي.
خسائر في علاقة الناس بالأرض
هناك 125 عقاراً بيدراً في لبنان، و 408 عقاراً مخصّصاً كمرعى، و 1253 عقاراً مسجّلاً تحت اسم «عموم أهالي و/أو سكان و/أو مالكي بلدة ما»، و2773 عقاراً مسجّلاً تحت اسم «مشاع»، وهي أراضٍ يشترك في استغلالها عامة الناس بالتساوي ودون استثناء، أو تُكدَّس عليها غلال القمح والشعير، أو تنبت فيها الأعشاب والنباتات المناسبة للرعي. فيها، شعر الناس بالحريّة والمساواة في الوصول للأرض والموارد؛ وتكمن أهميتها في كونها تعزّز العلاقة العضوية ما بين الناس والأرض على الصعيد المحلي، كتعبير ملموس لأنماط العيش المتنوعة، والتقاليد، والأساليب الاجتماعية-الثقافية للقاطنين.
خسائر في البيئة الطبيعية
إلى جانب أملاك الدولة الخصوصية، تتكوّن أراضي الدولة من أملاك عمومية هي بسبب طبيعتها، مُعَدّة لاستعمال الجميع وهي لا تُباع ولا تتغيّر ملكيتها بمرور الزمن، وتشمل الأملاك البحرية (شاطئ البحر؛ الرمول؛ مياه البحر) والنهرية (مجاري الأنهار وضفافها، الشلّالات، البحيرات الطبيعية)، على سبيل المثال لا الحصر. وقد خسرنا نسبة من هذه البيئة الطبيعية عبر عقود من تشريع التعديات عليها أو السماح باستثمارها، أو عبر عملية الإسقاط التي ابتكرتها السلطة كمخرج مقونن للتخلي عن هذا النوع من الأملاك، بحجة تحقيق المنفعة العامة التي تبقى مفهوماً فضفاضاً، تتغيّر دلالته بحسب من يتحّكم به وبحسب الرؤية الاقتصادية السائدة وشبكة المصالح الفردية.
|