خمس وعشرون عامًا قضتها سيدة العطاء العُمانية رحيمة المسافر، في خدمة الأيتام والمحتاجين، رحيمة التي أُعلن خبر وفاتها في التاسع من شهر يناير الماضي، هي رئيسة جمعية الرحمة لرعاية الأمومة والطفولة في سلطنة عُمان؛ وهي جمعية تطوعية خيرية مقرها العاصمة مسقط، تم إشهارها في يونيو 2016م، هدفها تقديم المساعدات والدعم المادي والعيني والتأهيلي للأسر والأطفال من مختلف الفئات المجتمعية، من ذوي الدخل المحدود.
كانت تخطط قبل وفاتها - وهو الشيء نفسه الذي تقوم به الجمعية حاليًا في هذا الشهر الكريم - لإطلاق حملة (ريالكم مليون)؛ والتي تهدف إلى جمع مليون ريال عُماني لبناء مركز جمعية الرحمة الخيري لرعاية الأمومة والطفولة بولاية السيب، ومن المقرر أن يتكون هذا المركز من المقر الدائم وورش الأسر المنتجة، ومعارض خيرية ومحال تجارية، والهدف من إنشاء هذا المركز أن يستخدم ريعه في برامج مساعدات الجمعية للأسر المحتاجة وأطفالهم، الذين يبلغ عددهم أكثر من 1700 أسرة متعففة مسجّلة في جمعية الرحمة.
وُلدت السيدة رحيمة المسافر في سلطنة عُمان، وحصلت على بكالوريوس الخدمة الاجتماعية من جامعة حلوان بالقاهرة، ولها ابنة وحيدة كانت بصحبتها دومًا في الجمعية، هي سارة محمد الميمنية.
كانت رحيمة أخصائية اجتماعية في أحد مدارس السلطنة، قبل أن تستقيل منها بعد خمسة عشر عامًا فقط من الخدمة، ويرجع سبب ذلك كما ذكرته ابنتها سارة الميمني في حديثها على قناة الوصال العُمانية في الثالث من الشهر الحالي، أن والدتها أرادت التفرغ للعمل التطوعي الميداني بشكل أكبر، وكانت تجمع الأهل والأسر وتخبرهم عن الحالات الإنسانية التي التقت بها، وتجمع منهم التبرعات لذلك، وقد بدأت هذا الطريق بصورة فردية، واشتهرت فيه.
وفي إعصار غونو الذي ضرب السلطنة عام 2007م - بحسب لقاء سارة - سمعت والدتها عن غرق بيوت بعض الأهالي، فخرجت من المنزل وسط الإعصار مع أخيها، وفتحت الملاجئ للناس، وأخذت الطعام من البقالات والمحال التجارية، وطلبت من أسرتها وغيرهم أن يصنعوا الطعام لمن في الملاجئ.
بدأت تُعرف رحيمة على نطاق أوسع بعد ذلك، وكوّنت فريق تطوعي اسمته (عُمان الخير)، ثم سعت كثيرًا لتأسيس جمعية الرحمة في 2016م، ولم تتوقف عن العطاء حتى في فترة مرضها الأخير.
وأبرز ما قامت به السيدة رحيمة من أعمال تطوعية عبر الجمعية تمثل في: تأسيس الفرق الخيرية والإشراف على مبادرات مساعدة المحتاجين، تقديم 13 مبادرة خيرية لمساعدة المتضررين خلال جائحة كورونا، كما دعمت الطلبة من أسر الدخل المحدود بأجهزة حاسب آلي، وكانت تحب مشاركة الأيتام والمتعففين فرحة العيد بهدايا عينية ومالية، إضافة إلى مبادرات لتدريب الأسر المنتجة، وفي إعصار شاهين الذي ألحق بالسلطنة أضرارًا بالغة في سبتمبر من عام 2021م، استأجرت رحيمة ما يقرب من 80 منزلًا للأسر المتضررة في ولايتي السويق والخابورة، ومن خلال الجمعية دعمت أيضًا القطاع الصحي بالعديد من أجهزة التنفس الصناعي.
لم يكن وقع خبر وفاة سيدة الإحسان صدمة على العُمانيين فحسب، بل رثاها العديد من مشاهير الخليج وعُمُومهم على صفحات التواصل الاجتماعي، فقد اشتهرت بالتفاني للخير والبحث عن سُبُله في كل مكان.
نالت السيدة رحيمة المسافر وسام "الساعون إلى الخير" على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي، كما كُرّمت في يوم "المرأة العُمانية" بـ"الإشادة السلطانية" من قبل السلطان هيثم بن طارق سلطان عمان، في أكتوبر 2020م - عليها رحمة الله وغفرانه.
|