الكارز العالمي تحول اثناسيوس إلى رمز .. رمز للإيمان السليم... رمز للجهاد من أجل العقيدة لم يكن أثناسيوس مجرد إنسان، بل كان رمزا .. لذلك كل الذين يسمعون عنه، كانوا يسمعون قصصًا عنه، كالتي يسمعونها عن أبطال التاريخ.. لذلك لم يكن المنفي بالنسبة لأثناسيوس مكان نفي. بل حقلا جديد للإيمان والكرازة والتبشير قابله الأمير قنسطنس فأعجب به اعجابا شديدا عندما كان في تريف، وطلب إليه أن يشرح له الإيمان السليم ويثبته في العقيدة
وكان أثناسيوس بركة لميلانو.. بركة لروما.. وكتب كتب تفاسير.. شرح العقيدة.. ثبت الناس في الإيمان.. كان كارزا في منفاه. خضع له أخيرًا الإمبراطور قسطنطينوس، فشرح له الإيمان وأرسله برسالات جميلة جدا للإسكندرية سمع عنه الإمبراطور يوبيانوس وأرسل إليه يقول "إني معجب جدا بشخصيتك المقدسة
أثناء وجوده بروما كتب لهم قصة القديس أنطونيوس الكبير أب الرهبنة... وكان سببا في نشر الحركة النسكية الرهبانية في روما.. أحب الناس الرهبنة من أجل أحاديثه عن أنطونيوس وكتاباته عنه. وكان لكتابه عن حياة أنطونيوس أثر كبير في هداية أغسطينوس ودخوله في الحياة المقدسة. أثناسيوس عندما كان يذهب للنفي كان يحوله إلى جنة، وعندما كان يهرب إلى الأديرة كان يثبت الرهبان في الإيمان.. وعندما كان يهرب إلى بيوت المؤمنين كان يكتب الرسائل إلى أساقفة العالم.. رسائل إلى أساقفة الإسكندرية وليبيا وكل مكان.. ويكتب كتب في الدفاع عن الإيمان.. عندما هرب مرة إلى البرية كتب أربعة رسائل هامة ضد الأريوسية تعتبر كتابا هاما ضد الهرطقة الأريوسية Contra Arians .. كتب أيضًا عن الروح القدس ضد الهرطقات التي ظهرت عن الروح القدس في ذلك العصر. كان إنسان يعمل من أجل الله باستمرار... لا يهمه الضيقات أو السجن أو النفي أو غيره.. هل تعرفون ماذا كان يعمل ؟ في النفي يكتب ويدافع عن الإيمان.. في الهروب يكتب ويدافع عن الإيمان.. في الغربة يبشر باسم المسيح ويثبت الناس في الإيمان، كان طاقة جبارة وشخصا جبارا نفي التي تريف استقبل بالحفاوة والتبجيل والاحترام من الأسقف ومن أمير الولاية.. وكان بطلا استقبل كالأبطال.. ورجع إلى الإسكندرية واستقبل بالحفاوة والاكرام... شخص جبار في محبة الناس له
العنف مع الصخرة كان رجلا ملكا للعالم كله، وقد بكي عليه كثيرا القديس باسيليوس الكبير، رئيس أساقفة كبادوكية، وكان يعتبر نفسه من تلاميذه. أثناسيوس الرسولي جلس على الكرسي البطريركي بالمعني الروحي من سنة (٣٢٨-٣٧٣م) أي ٤٦ سنة.. ولم يجلس ٤٦ سنة.. ولم يجلس على الكرسي من الناحية العملية لأنه عاش مشردًا مدة طويلة.. عاش في آلام مستمرة.. أكثر إنسان دافع عن لاهوت المسيح هو أثناسيوس الرسولي... اكثر بطريرك أكثر أسقف.. دافع عن المسيح هو أثناسيوس الرسولي. الله لا يمنع الألم عن أولاده، بل يذخره لجهادهم لكي يتوجهم به.. كان أثناسيوس جبارًا في إرادته.. كان كالصخرة التي لا تتزحزح.. كان مؤمنا بفكرة.. وضع كل جهده في سبيل تنفيذها، وصدقوني ان جبابرة كثيرين قد سقطوا في الميدان اللاهوتي، ما عدا أثناسيوس الجبار. كانوا يستخدمون أثناسيوس.. ويستخدمون العنف مع شعب أثناسيوس.. إنه نفي أكثر من خمس مرات.. وفي المرات الأخيرة لم يتم النفي.. الشعب كله تكاتف واتحد وتزاحم وقال للجنود لا يمكن أن تصلوا للبابا أثناسيوس إلا على جثثنا جميعًا.. وعجز رئيس الجند على القبض على أثناسيوس... ورجع يخبر الإمبراطور أنه عاجز عن القبض عليه
لم نجد شعبا في العالم كله تمسك بباباه وبرئيسه الديني مثلما تمسك الأقباط باثناسيوس الرسولي.. كانوا يفضلون أن يموتوا ويحفظوا هذا الإنسان لأجل الكنيسة.. ولأجل الإيمان في مرة كان يصلي صلاة عيد القيامة، وكان آلاف يصلون في الكنيسة.. ودخل الجند ونزلوا في الموجودين قتلا بالسيوف.. وامتلأت الكنيسة بالدماء.. أما الشعب فضرب نطاقا حوله.. وحمله على الرغم منه، وهرب به البعض خارج الكنيسة.. وأخلوه.. ولم يستطع الجند أن يصلوا إليه.. وفضل الآلاف أن يقتلوا في تلك الليلة، ويبقى أثناسيوس حيا
|